رحلة لإنقاذ الحياة

خبرتي كمختص في التحريك المجتمعي ضمن فريق لقاح سوريا دائمًا تضعني في مواجهة قاسية مع واقع مرير. حينما أرى منزلًا مهمشًا، أعرف في داخلي أن احتمالية وجود أطفال معرضين للموت تكاد تكون مؤكدة. نحن نسميهم “أطفال الزيرو دوز”، أولئك الذين لم يتلقوا أي جرعة لقاح منذ ولادتهم. فضولي لم يكن مجرد فضول؛ كان دافعًا لإنقاذ أرواح، وكان هذا المنزل دعوة غير مباشرة لا يمكن تجاهلها. لكن الوصول إليه لم يكن بسيطًا. الطبيعة الجغرافية للمنطقة فرضت علينا تحديًا صعبًا. الطريق كان قاسيًا وطويلاً، مليئًا بالمخاطر التي تتضاعف مع كل خطوة. في ذلك اليوم الشتوي، لم تكن السماء ترحم. الرعد يصم الآذان، البرق يضيء السماء المظلمة، والبرد القارس جعل الحرارة تنخفض إلى ما دون خمس درجات مئوية. الأرض كانت مغطاة بالوحل، مما جعل كل خطوة تبدو وكأنها معركة جديدة. عندما وصلنا أخيرًا إلى المنزل، واجهنا الحقيقة المؤلمة. الأب كان عاجزًا وغير قادر على الحركة، بينما العائلة بأكملها تعيش في ظروف اقتصادية سيئة للغاية. في وضع كهذا، كيف يمكن لعائلة مثل هذه أن تفكر في الذهاب لتلقيح أطفالها؟ أولوياتهم كانت بعيدة تمامًا عن الصحة، فقد كانت النجاة اليومية هي هدفهم الوحيد. وبالرغم من ذلك، استطعنا تلقيح الأطفال. كان الشعور لا يوصف: حقن صغيرة تحمل الحياة، أمل جديد زرعناه في أجساد صغيرة. تركنا المنزل ونحن نعلم أن ما فعلناه اليوم قد يكون الفرق بين الحياة والموت لهؤلاء الأطفال. هذه ليست مجرد مهمة، بل هي معركة يومية لإنقاذ الأرواح، معركة لا يمكن الفوز بها دون دعمكم.